Logo

كتب فؤاد كيالي/حفلات التكريم بين الاستحقاق والمجاملة

News Image
مقالات

Sept. 23, 2025, 7:51 a.m.

فؤاد كيالي كاتب ومخرج تداعي
المصدر: خاص

<p>شهدنا في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في حفلات التكريم، سواء على الصعيد الفني أو الثقافي أو الاجتماعي. وإذا أردنا التوقف عند المجال الفني تحديداً، نجد أن فكرة التكريم بحد ذاتها قيمة نبيلة، لأنها تعكس تقديراً لمسيرة طويلة من العطاء والإنجاز، وتمنح المكرَّم شعوراً بالاعتزاز بما قدّم، كما تمنح الجمهور قدوةً يحتذى بها ،فمن الطبيعي والمنطقي أن يُكرَّم فنان أمضى سنوات طويلة من حياته في خدمة الفن، قدّم خلالها أعمالاً راقية تركت بصمة في ذاكرة الناس، وراكم نجاحات متتالية تؤهله لأن يقف في موقع التكريم.<br /> لكن الغريب اليوم أن تتحول هذه الظاهرة إلى حالة أقرب إلى &ldquo;الموضة&rdquo;، حيث نرى فناناً أو فنانة في بداية الطريق، لم يقدما سوى أغنية أو اثنتين، حصدتا رواجاً لدى فئة عمرية معينة، ثم يُمنحان أوسمة وجوائز تكريم لا تستند إلى أي رصيد من التاريخ أو الإنجازات. هنا يصبح السؤال مشروعاً ما هي المعايير؟ وأي مسيرة يُحتفى بها؟<br /> لتقريب الصورة أكثر، يمكن أن نتخيل طبيباً كرّس ثلاثة أو أربعة عقود من عمره لعلاج المرضى، وأجرى عمليات ناجحة تركت أثراً في مجاله. تكريم هذا الطبيب طبيعي ومفهوم. لكن في المقابل، هل من المنطقي أن يُكرَّم طبيب آخر بعد شهر من تخرجه، لمجرد أنه افتتح عيادة جديدة؟ على ماذا يُكرَّم؟ الأمر نفسه ينطبق على الأديب والشاعر وسائر المبدعين في مختلف الميادين.<br /> إن تكريم من لا يملكون بعد أي تاريخ حقيقي، لا يسيء فقط لفكرة التكريم نفسها، بل يفرغها من مضمونها، ويحرم أصحاب العطاء الحقيقي من التقدير الذي يستحقونه. لذلك، على القائمين على هذه الفعاليات أن يعيدوا النظر في معاييرهم، وأن يتعاملوا مع التكريم بجدية أكبر، حتى يبقى وساماً يُمنح لمن يستحقه فعلاً، لا مجرد لفتة شكلية أو مجاملة اجتماعية.<br /> المعيار الثابت يجب أن يكون التاريخ، النجاح، والعطاء الحقيقي.</p>