
Nov. 2, 2023, 8:56 a.m.
يلجأ العديد من الناس إلى المبصرين الذين يتعاملون في قضايا السحر، لاعتقاد سائد لديهم أن هذه الفئة من الناس تستطيع تحويل مجرى حياتهم وتغيير مسارها من السلب إلى الإيجاب، ومن العذاب إلى السعادة، ومن الحزن إلى الفرح.. وكم من هؤلاء الناس دفعوا أموالاً طائلة ليلمسوا شيئاً بسيطاً يشعرون من خلاله أن حياتهم بدأت تتبدل نحو الأفضل. بينما المشعوذون يستغلون حياة الناس ومشاكلهم، ويدخلون إلى غرف فيها جميع الأجواء التي يستطيعون بها التأثير عليهم واستغلالهم.
وفي ما يأتي حوار مع مشغوذ تائب رفض ذكر اسمه.
ذكرت قبل المقابلة أنك تستطيع معرفة مشكلة الزبون بمجرد دخوله عليك، ثم تبدأ بخداعه بكل سهولة، هلا شرحت لنا كيف يحصل ذلك؟
- في الحقيقة هذه الأمور بسيطة لدينا، فلقد أصبح من المتعارف عليه في مجتمعنا العربي العاطفي، عن النساء والفتيات، وعن الرجال والشباب، فإذا ما دخلت على فتاة وكانت تضع محبساً "خاتماً" في يدها الشمال فتكون مشكلة عاطفية مع زوجها أو ربما مع أهله، وإذا كانت تلبس الخاتم في يدها اليمنى تكون مشكلتها مع خطيبها وإذا كانت لا تلبس في الأصل خاتماً فتكون مشكلة عاطفية مع حبيب لها ضمن عملها. وهذه الأمور تنطبق كثيراً على الرجل أو الشاب، فنبدأ بتهيئة الجو اللازم عن طريق البخور أولاً، ومع بعض الأسئلة والإيحاءات عن طريق بعض الحركات التي نشغل بال الزبون بها، يبدأ بالاعترافات الواحدة تلو الأخرى، ونحن بدورنا نحتفظ بأجوبتها لجلسات أخرى، نهيء الزبون بأجواء أكثر توتراً نجعله ينسى ما قاله في الجلسة الأولى، ثم نروي له ما حصلنا عليه من حقائق نعلمها من أجوبته التي نسيها مما يجعله يصدق أننا استطعنا بطريقة خاصة وعن طريق الجان أن نكشف له هذه المعلومات.
قلت أنكم كنتم دائماً تستطيعون ان تبرهنوا للزبون بأنكم تعملون من أجل إنقاذه من مشاكله، ما هي البراهين التي كنتم تستعملونها كي تقنعوا الزبون بذلك؟
- هناك الكثير من الخدع التي نستعملها لنجعل الزبون يصدقنا، كأن نضعه في أجواء مشحونة لا تسمح له بالتركيز في أي شيء، مما يجعله مبعثر الفكر ومشتتاً، وفي أكثر الأحيان متوتراً، ويكون منتظراً ان نفاجئه بأي شيء ونظره يصول ويجول في الغرفة ومحتوياتها، دائم الخوف والرهبة متوقعاً أي شيء قد يخرج له من هنا أو من هناك، يتماسك قدر المستطاع ولكنه يشعر دائماً بأنه غير آمن في الغرفة. وهنا أبدأ في استغلال الزبون ضمن لائحة كبرى من الطلبات المادية وغيرها من الملابس أو الذهب أو الطيور، على أن هذه الطلبات هي للجان الذي ساعده، فينصاع الزبون لطلباتنا فوراً.. وهناك خدع لا أستطيع التحدث عنها كي لا تصبح متداولة بين عامة الناس.
هل تستطيع جلب حجاب مصنوع للناس، وكيف ذلك؟
- اسمع يا أخي جيداً كيف نقوم بهذه الخدع البسيطة.. هناك طريقة كنا نستعملها مع الزبائن، بعد أن يتردد الزبون علي لجلسات عدة، نكون خلالها حضرناه من خلال الجو الذي شرحت لك عنه من أضواء خافتة وصور وبخور وغيره، وعبر أسئلة نطرحها عليه بطريقة غير مباشرة، من خلالها نحصل على الكثير والكثير من المعلومات، عن حياته وعلاقاته ومشاكله ومدى تشابكها، وأسماء تخصه من أهل وأصحاب وجيران كلها تساعدنا على تحضير حجاب وهمي ضمن جلسة ختامية نقنع فيها الزبون بأنها المرحلة الأخيرة لحل كل مشاكله يا أخي اعذرني لا أستطع التحدث أكثر عن بعض الخدع.
نريد منك أن تروي لنا خدعاً تكون أشبه بنكتة أو طرفة؟
- هناك خدعة كنت أستعملها منذ وقت قريب حيث يأتي إلي أحد الزبائن كئيبا جدا، وكأن أبواب الدنيا والآخرة قد أغلقت في وجهه، يائسا، لا يعرف النوم، وقد تكون مشكلته مع أهل زوجته، وتكون المشكلة بسيطة، فأبدأ بوضعه في الأوضاع السابق ذكرها نفسها، ومن جلسة إلى أخرى، ومن طلب إلى آخر، إلى أن أشعر بأنه بدأ يستوي على النار الهادئة التي أعددتها له، وأكون قد ذكرت له أن أحداً وضع لك حجاباً كي نسترجعه، إلى أن تحين اللحظة الحاسمة، فأضع حجاباً ألصقه بالشمع في أحد المصابيح في السقف ويكون هذا المصباح فوقنا مباشرة.. وبعد الحديث غير المفهوم وذلك الكلام الذي اعتقد الزبون أنها لغة مع الجان لا يعود يدري ماذا يحصل حوله، أقوم بإضاءة المصباح بطريقة مفاجئة، وأزيد من الكلام غير المفهوم وأتمايل برأسي يمينا ويسارا، وأبدأ بالإرتجاف، فيزداد خوف الزبون، وأحمله وأقول له إنه الحجاب الذي أحضره الجان، رماه لنا بعد جهد كبير، وأنه يتوجب علينا حرقه ورميه في البحر، كي لا يستطيع أحد أن يعيده له، وهنا تكون الطامة الكبرى على الزبون بعد تصديق كل هذه الخزعبلات، ونبدأ بسلسلة طلبات تبدأ ولا تنتهي.
كيف فكرت بالتوبة والعدول عن كل هذه الأمور؟
- حقيقة، هناك أمور حصلت مع عائلتي في البداية، لم ألتفت إليها أبداً، أولاً، كان ابني يهم بالدخول إلى البناية فسقط من إحدى الشرفات إناء للورود إرتطم بالأرض قربه وطارت قطعة منه وإصطدمت بقدمه وشقت له رجله، وبعد وقت قصير صدمت سيارة ابني الآخر، وفي ليلة من الليالي صرخت إبنتي من الألم ونقلناها إلى المستشفى وقال لنا الطبيب إنه علينا إجراء عملية فوراً وأعتقد أنها "الزائدة" وبعدها كانت زوجتي تقوم ليلاً مفزوعة مرعوبة وتحدثني عن أحلام وكوابيس مرعبة تراها ليلاً.
ومن ثم رحت أربط كل هذه الحوادث الفجائية بعضها ببعض وشعرت أن ما يحصل لهم ربما له علاقة بالأكاذيب والخدع التي أقوم بها مع الناس.. ولكنني بقيت أقوم بهذه الأعمال إلى أن حصل شيء أرعبني، عند ليلة الجمعة من أحد الليالي جاءتني مكالمة من شخص وسألني هل أنت فلان، أجبته نعم، فقال أنت رجل دجال. وأعرف ما تقوم به من إحتيال وخدع وكذب ودجل، وسأذكر كل ذلك للشرطة وعندي كل الدلائل، وذكر لي شيئاً أو طريقة قريبة من إحدى الطرق التي كنت أستخدمها، ثم توالت المكالمات والتهديدات، ومرة كنت أقف بسيارتي عند إحدى الإشارات، وتلفت إلى اليمين، فوجدت رجلاً يحدق بي بطريقة غير إعتيادية ومن خوفي أسرعت بسيارتي قبل الضوء الأخضر مما عرض حياتي للخطر. ومرة خرجت من المنزل، فوجدت سيارتي من دون دواليب، وحوادث كثيرة، مما جعلني أراجع كل حساباتي، وفكرت ملياً بالأمر، وإستشرت شيوخا عدة وكانت النصيحة التوقف عن الأمر، فحزمت أمري وقررت التوقف.
هل الشيوخ الذين استشرتهم من أهل العلم؟
- نعم، من أهل العلم، ولكنني لم أشر إليهم على أنني أنا الشخص الذي يفعل كل ذلك.
هل كان لأهل بيتك أثراً في التوقف والتوبة؟
- نعم، كنا نجلس جميعاً ذات ليلة، وبينما كنا نتحادث ذكرت لي زوجتي عن موت إبن أحد المشعوذين في حادثة مروعة، وسألتني إن كان ذلك بسبب لما يفعله والده. وفي ذلك النقاش تطرقنا إلى أمور كثيرة. بعدها قررت بفضل الله التوقف عن كل ذلك. والحمد لله لم أعد أمارس هذه المهنة القذرة التي تجعلك تسرق الناس عن طريق مشاكلهم وإستغلال طيبتهم وسذاجتهم، وبساطتهم، وإنني أدعو كل فرد ما زال يعمل في هذا المضمار أن يتوقف فوراً لأن الله له بالمرصاد وسيعاقبه عقاباً شديداً في بدنه، وولده وعائلته وماله وعمله، كما أدعو الناس كافة بعد قراءة هذه المقابلة، إلى عدم تصديق هؤلاء الناس، لأنهم كاذبون ومنافقون.. وأسأل الله أن يسامحني ويكفر عني كل ما فعلت، لأنني نادم أشد الندم على تلك الحقبة التي مارست فيها هذه المهنة.